أكد خبراء التسويق العقاري أن السوق المصري يواصل إثبات قوته وجاذبيته للمستثمرين، مع تحقيق الشركات العقارية مبيعات تجاوزت 2.5 تريليون جنيه خلال العام الماضي، وسط توقعات بنمو مستمر في ظل إدخال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في القطاع.
وشدد الخبراء خلال الجلسة الأخيرة من النسخة الثالثة من مؤتمر TBL، على ضرورة تنظيم مهنة التسويق العقاري ووضع ضوابط واضحة للوسطاء، بما يعزز الشفافية ويضمن تقديم خدمات مهنية متميزة للعملاء والمطورين على حد سواء.
قال محمد عبدالفتاح، خبير التسويق العقاري، إن السوق العقاري المصري يعد واحدًا من أقوى الأسواق في المنطقة، وفقًا للأرقام المعلنة سواء على مستوى تداولات البورصة أو مبيعات المطورين العقاريين، مما يعكس حجم الثقة في القطاع العقاري المصري وقدرته على جذب الاستثمارات.
وأوضح عبدالفتاح أن الأسهم العقارية تمثل نحو 14% من إجمالي حجم التداول في البورصة المصرية، كما تمكنت الشركات العقارية من تحقيق مبيعات تجاوزت 2.5 تريليون جنيه خلال العام الماضي، وهو ما يعكس فرصًا واعدة واستمرار الطلب القوي على العقار باعتباره أحد أهم الملاذات الآمنة للمستثمرين والمشترين.
وأشار إلى أن السوق شهد تغييرات هيكلية مهمة في صناعة الوساطة العقارية بعد إدخال التكنولوجيا في هذا القطاع الحيوي، حيث أصبح المطور العقاري مطالبًا بتحقيق التوازن بين الرؤية المستقبلية للسوق واحتياجات العملاء، مع الاعتماد على أدوات تحليلية وتقنية أكثر دقة.
وأكد خبير التسويق العقاري أن الفترة المقبلة تتطلب تنظيم عمل المسوقين العقاريين ووضع ضوابط واضحة لإنشاء شركات التسويق، بما يضمن تقديم خدمات مهنية متميزة تحافظ على حقوق المشترين والمطورين على حد سواء.
وشدد عبدالفتاح على ضرورة صدور لوائح وتشريعات تنظيمية تضمن شفافية السوق وتحافظ على استقراره، موضحًا أن وجود إطار قانوني منظم لعمل المسوقين يسهم في دعم الثقة بين جميع أطراف المنظومة العقارية، ويعزز من كفاءة السوق بشكل عام.
خالد بهيج: أسلوب البيع السائد حاليا يحتاج لإعادة نظر فى ظل تحديات السوق العقاري
قال خالد بهيج رئيس مجلس إدارة تحالف RED ، إن أسلوب البيع المتبع حاليًا في السوق العقاري يحتاج إلى إعادة نظر، في ظل التحديات التي يواجهها القطاع خلال الفترة الحالية.
وأشار خلال مناظرة حول قطاع الوساطة العقارية علي هامش النسخة الثالثة من مؤتمر “TBL – The Broker League”، إلى أن بعض العاملين في المجال يتعاملون مع العقار باعتباره مجرد عملية بيع، في حين أن الطبيعي في مهنة التسويق العقاري هو اعتمادها على بناء علاقات طويلة الأمد مع العملاء تقوم على الثقة والمصداقية.
كما أوضح، أن النجاح الحقيقي للمسوق العقاري لا يُقاس بعدد الصفقات فقط، بل بقدرته على تكوين قاعدة عملاء أوفياء يعودون إليه باستمرار ويثقون في آرائه واستشاراته، مؤكداً أن العميل الذي يجد مصداقية في التعامل سيعود مرة تلو الأخرى للتعامل مع نفس المسوق.
وأضاف خالد بهيج، إن غياب جهة رقابية تتابع أداء العاملين في مجال التسويق العقاري والبروكر يمثل مشكلة حقيقية في السوق، مؤكدًا أن القطاع بحاجة إلى وضع ضوابط واضحة تنظم المهنة وتحدد مسؤوليات كل طرف.
تامر موريس: الاستشارة العقارية هي الأساس الحقيقي للمهنة وليست مجرد وساطة
أكد تامر موريس، الرئيس التنفيذي لشركة كولدويل بانكر، أن مهنة الوساطة العقارية في مصر عانت في بدايتها من “لغط في التعريف”، حيث كان يطلق عليها “مستشار عقاري” (Property Consultant) رغم أن الترخيص الرسمي الصادر لها كان “وساطة عقارية”. وشدد موريس على أن الأساس الذي يجب أن يقوم عليه هذا البيزنس هو الاستشارة العقارية وليس مجرد الوساطة، لأن الاستشارة هي التي تضيف قيمة مضافة حقيقية لكل من العميل والمطور، وهي ما يجعل دور “المستشار العقاري” بالغ الأهمية ويزداد الاحتياج إليه مع نمو السوق.
وأوضح موريس أن الواقع الحالي يشير إلى أن النسبة الأكبر ممن يعملون في المهنة يمارسون الوساطة العقارية التقليدية، بينما نسبة قليلة فقط هي من تستطيع تطبيق مفهوم “الاستشارة العقارية الحقيقية” التي تتطلب امتلاك معلومات كاملة عن السوق وشفافية لضمان تلبية احتياجات العميل بشكل أمثل. ولفت إلى أن هذا الأمر يجب ألا يترك “للأهواء الشخصية”، بل يجب أن تجبر المنظومة نفسها المشتغلين على تنفيذه من خلال نظام يضع ضوابط ويفرض نوعاً من التحكم.
أضاف موريس أن هناك نقطتين أساسيتين في ملف الوساطة العقارية: الأولى هي تغيير التعريف على مستوى السوق بأكمله، بدءاً من الدولة ووصولاً إلى الداخلين الجدد في المجال. والثانية هي أن المنظومة يجب أن تدعم فكرة تخريج مستشارين عقاريين ذوي كفاءة عالية، مشيراً إلى أن السوق خلال الفترة القادمة سيعيد تنظيم نفسه، حيث لن يبقى سوى المستشار القادر على توفير قيمة مضافة للعميل، خاصة في ظل التطور التكنولوجي الحالي.
واختتم موريس تصريحاته بالدعوة إلى تفعيل دور النقابة لهذه المهنة المهمة ووضع ضوابط صارمة، مشدداً على ضرورة أن يكون للحكومة دور في تسريع وضع الضوابط واللوائح التشريعية والتنفيذية لتنظيم القطاع والعمل العقاري بشكل عام.
وأوضح بهيج أن المفهوم الحالي للتسويق العقاري يعاني من خلط كبير، سواء لدى بعض ممارسي المهنة أو لدى العملاء أنفسهم، مشيرًا إلى أن المسوق العقاري ليس مجرد شخص يسعى للبيع بأي طريقة، بل هو مستشار يمتلك معرفة دقيقة بالسوق ويهدف إلى تقديم نصيحة أمينة ومفيدة للعميل.
وتابع، أن المسوق العقاري الجيد يجب أن يكون مطلعًا على التفاصيل الكاملة للعقار والسوق، وأن يقدم للعميل كل المعلومات بشفافية دون إخفاء أي جزء منها، موضحًا أن الصورة السائدة حاليًا – ولو بشكل غير رسمي – تصور المسوق كمن يضغط على العميل لإتمام الصفقة فقط، وهو ما يجب تغييره لضمان تطوير المهنة وتعزيز الثقة داخل السوق العقاري.
عمرو عثمان: أكثر 300 ألف وسيط عقاري في مصر.. والذكاء الاصطناعي سيعيد تشكيل السوق
قال عمرو عثمان، نائب رئيس مجلس إدارة شركة بولد روتس، إن تنظيم عملية التسويق العقاري في مصر يتطلب أولاً معرفة الوضع الحالي بدقة، مشيرًا إلى أن السوق يضم نحو 300 ألف وسيط عقاري و30 ألف سجل تجاري للوساطة العقارية وفق بيانات غير رسمية، إلا أن نسبة كبيرة منهم لا تعمل بشكل قانوني أو رسمي، كما لا تتلقى التدريب الكافي.
وأضاف عثمان، أن السوق العقاري المصري يُعد من أكثر الأسواق جذبًا للوسطاء العقاريين، موضحًا أن ما يقرب من 20 ألف شركة تسويق عقاري تأسست خلال السنوات الأخيرة مع إطلاق العاصمة الإدارية الجديدة، بالإضافة إلى شركات أخرى ظهرت بعد التوسع في مدينة العلمين الجديدة، وهو ما جاء بالتوازي مع وجود نحو 420 مطورًا عقاريًا يعملون في السوق حاليًا، مما ساهم في زيادة عدد شركات التسويق.
وأشار، إلى أن المبيعات المباشرة تمثل الأساس في نشاط الشركات العقارية، إلى جانب القنوات غير المباشرة مثل شركات الوساطة العقارية والمسوقين العقاريين، موضحًا أن طبيعة عمل المطور العقاري تقوم على بناء قاعدة من العملاء سواء عبر البيع المباشر أو من خلال وسطاء، ثم الاعتماد على العملاء الذين أصبح ولاؤهم للشركة بعد استلام وحداتهم، إلى جانب جذب عملاء جدد لتوسيع قاعدة العملاء.
وأكد، أن بعض الشركات لا تعتمد على قنوات البيع غير المباشرة نظرًا لامتلاكها قاعدة كبيرة من العملاء، بينما هناك مطورون آخرون يعتمدون بشكل كبير على شركات التسويق العقاري، والتي يصل عددها في بعض الأحيان إلى أكثر من 100 شركة تسويق، وذلك بحسب احتياجات كل مطور من المبيعات.
ولفت عثمان، إلى أن تحديد أسلوب البيع يختلف من مطور لآخر وفقًا لحجم الشركة وإمكانياتها وخطتها التسويقية، مشيرًا إلى أن بعض الشركات قد تُغيّر استراتيجيتها البيعية من عام لآخر بما يتناسب مع تطورات السوق، موضحًا أن الشركات عادة ما تضع خطتها البيعية بناءً على دراسات دقيقة لتحديد النسبة المستهدفة من المبيعات المباشرة وغير المباشرة، بما يحقق التوازن المطلوب في الأداء التسويقي.
وتابع، أن مستقبل الوساطة العقارية لن يختفي مع دخول التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أن العامل البشري في بعض الوظائف سيظل قائمًا، بينما ستتأثر العوامل المساعدة فقط.
وأوضح عثمان، أنه كما اختفت من قبل الصحف المتخصصة في التسويق، فإن الوساطة العقارية ستتأثر بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي إيجابيًا، إذ ستساعد الوسطاء على الوصول إلى العملاء بطريقة أسرع وأكثر كفاءة، بينما سيتأثر المسوق الذي لا يمتلك المهارات التكنولوجية الكافية.
محمد حماد: الذكاء الصناعي سيساعد القطاع العقاري ولن يلغي دور الوسيط العقاري
قال محمد حماد، المدير العام لمنصة ناوي بارتنرز، إن نموذج الذكاء الاصطناعي سيكون مختلفًا تمامًا عن النموذج الحالي خلال السنوات المقبلة، مما سيساعد العملاء على الوصول إلى المنتج المناسب بالنسبة لهم.
وأضاف حماد أن الذكاء الاصطناعي سيساعد قطاع العقارات، لكنه لن يلغي دور الوسيط العقاري، بل سيعمل على تطوير الأدوات وتحسين قدرات الشركات، دون أن يستبدل الوسيط البشري.
وأشار إلى أن المطور العقاري يحدد ما إذا كان سيبيع بشكل مباشر أو غير مباشر بناءً على قوة العلامة التجارية الخاصة به، فنجد شركات مثل طلعت مصطفى تبيع بشكل مباشر لأن منتجهم قوي ويلتزمون بتنفيذ المشروعات العقارية في المواعيد المحددة، مما يدفع العملاء إلى التعامل معهم مباشرة دون الحاجة إلى وسيط.
في المقابل، يوجد عدد كبير من المطورين العقاريين والذين يظهرون بشكل يومي فنجد الإعلانات الخاصة بهم تملأ الشوارع الرئيسية في مختلف المحافظات، الأمر الذي جعل العميل غير قادر على تحديد الجهة الأنسب للتعامل معها، وهنا يأتي دور الوسيط العقاري في توجيه العميل نحو الفرص المتاحة التي تتوافق مع احتياجاته.

